الأوّل أنّ اميركا هي الادارة الفعلية للعدوان على غزة ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية وتصفية حركات المقاومة المرتبط وجودها بهذه القضية كما يعتقدون للتخلص منها وعدم تحولها الى مرتكز اساسي ومهم في الصراع الدولي وفي معركة اعادة رسم عالم جديد متعدد الاقطاب …
والثاني أنّه وللأسف حقق نجاحا سابقا في اختراق مواقع في القوى السياسية اللبنانية على انواعها و بحيث اصبح لديه مساعدين فاعلين يستخدمهم في تزوير واشاعة وقائع وهمية وترويج اكاذيب واغراءات باحتراف وكفاءة ملحوظين شهدناهما في المرحلة السابقة ونشهدهما في ممارسات حالية …
اما الاعتبار الثالث فيتمثل للأسف أيضا في نجاحه في خدعة ترسيم الحدود البحرية التي جر فيها لبنان الى خطيئة ترسيم حدود بحرية مع عدو مغتصب لا يعترف به ومغتصب للأرض التي يتم اتفاق ترسيم حدودها معه بديلا للفلسطينيين اصحاب الحق .. اضافة الى خدعة الاغراء والقبول بعودة شركة توتال التي كانت اخلت بعقدها مع لبنان استجابة للقرار الاميركي لتعاود نفس الخدعة بما جعل لبنان يخضع لمعادلة المثل القائل "من جرب المجرب كان عقله مخرب " .. ناهيك عن ان توتال باتت شريكة للبنان وشريكة لاسرائيل في نفس الحقل والانتاج بما يحقق اتفاق مصلحة مشتركة؟؟؟؟؟!!!
واذا كانت هذه الاعتبارات هي عناصر تولّد الثقة عند هوكشتاين بالاختراق لصناعة اتفاق ما حول تنفيذ ال 1701 بحلته الجديدة واهدافه المستجدة الا ان ما يشجعه على توقع نجاح الاختراق هو سوء فهمه لما ورد ويرد على لسان المقاومة وقصور مساعديه على الفهم أيضا.
يعتقد هوكشتاين كما يُستشف من كلام مساعديه "اللبنانيين" أنّ ماورد على لسان المقاومة إن حول الاستعداد لوقف الحرب على الجبهة الجنوبية فور اعلان وقف اطلاق نار أوتضمين بيانات العمليات انها "نصرة "لأهل غزة ، يجعل موقف المقاومة موقف مساندة ذو منحى انساني وليس استراتيجيا يتعلق بصراع وجودي مع الكيان الصهيوني خصوصا ايضا ان استعمال عبارات التهديد الوجودي يتم استخدامها في ما يتعلق بالكيان الاسرائيلي وليس في ما يتعلق بلبنان .. اضف الى ذلك ماجاء ايضا في خطاب سابق لسيد المقاومة حول ان هذه الحرب اعطت وستعطي فرصة للبنان لتحرير ما تبقى من ارضه مما يعطي لفتح الجبهة الجنوبية طابعا محدودا استراتيجيا يتعلق بنصرة غزة عبر اشغال قوات صهيونية ويتعلق بتحرير كامل الارض اللبنانية فقط دون اهداف اخرى و يُستدل على ذلك ايضا الابقاء على الحرب المحدودة والمضبوطة من قبل المقاومة بدل اللجوء الى الحرب الشاملة …
وهنا يجب القول أنّ هذا الفهم المشوه ينتقي موارده من جوانب محدودة ولا يأخذ بعين الاعتبار كامل السقف السياسي لمحور المقاومة والمقاومة الاسلامية في لبنان خصوصا والمتعلق بتحرير كامل فلسطين كما لا يأخذ بعين الاعتبار الشعار الذي يُرفع في زف الشهداء انهم شهداء على طريق القدس …
ولذلك يمكن القول ان هذا الفهم هو مزيج من الرغبات من جهة ومن جهة ثانية من جهل الاهمية الحاسمة للايديولوجيا في صناعة الفكر والوعي والمصالح في الفكر الشرقي ..
وبعد تفنيد ملابسات مساعي الاهداف الوهمية
لا بد من القول أنّ الواقع الحالي الذي استجد بعد طوفان الاقصى وبعد العدوان الهمجي الاجرامي الصهيوني على غزة وبعد فتح جبهات المساندة التي تحولت كل منها الى جبهة حرب بسقوف سياسية متنوعة وطنية وفلسطينية واقليمية وصولا إلى دولية متداخلة ومنفصلة في آن وبعد حجم الاثمان التي تم دفعها على جميع هذه الجبهات لم تعد مجالات التسويات الجزئية ممكنة كما لم تتضح بعد مسارات التسويات الكبيرة ولم تتوفر عناصرها والكل عاجز عن جواب حول صورة اليوم التالي لا في الحالة الراهنة ولا في حالات ما يُحكى او ما سينتج عن الهجوم على رفح كما لا يمكن لأحد او بالأحرى للجميع العودة الى الوراء ..
وهكذا تبقى الكلمة للميدان في انتظار استكمال رسم الصورة الكاملة للمحاور وتوازناتها وحسابات الربح والخسائر والاقرار بها وبمفاعيلها وصولا الى التوازن الذي يمكن على اساسه الوصول الى تسويات التوجهات القطبية ان لم نقل تعدد الأقطاب
علي يوسف